أكد محمد نزال، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في مقابلة مع قناة «الجزيرة» مساء اليوم الخميس، أن الحركة استلمت الخطة التي نُسبت للرئيس الأمريكي يوم الإثنين الماضي، وأنها شرعت على الفور في مشاورات داخلية وخارجية لمناقشتها. وقال نزال إن الخطة «عليها ملاحظات» وأن الحركة ستُعلِن موقفها الرسمي قريبًا جدًا، مشددًا على أن أي تفاهم يجب أن يُبنى من منطلق وقف الحرب وإنهاء المجازر، لا منطلق التفريط في حقوق الشعب الفلسطيني أو قبول إبادة جماعية مستمرة.

استلام الخطة

استلمنا الخطة مساء الاثنين الماضي، بحسب تصريح نزال لقناة «الجزيرة»، وهو تأكيد مباشر على توقيت وصول المقترح إلى قيادة الحركة. وأفاد نزال أن تسلم الوثيقة لم يكن نهاية المطاف بل بداية عملية فورية مناقشات وتحقيق مراجعات على أكثر من مستوى. وأضاف أن الحركة لم تقف عند الاطلاع فقط، بل باشرت خطوات عملية لتحليل مضمونها وتبعاتها على الأرض وعلى شعبنا.

نزال أوضح أن النقاشات لم تقتصر على الدوائر الداخلية لحماس، بل شملت اتصالات ومشاورات خارجية أيضاً. هذا الاتساع في نطاق المشاورات يعكس حرص الحركة على موقف جامع ومُحكم قبل أي إعلان رسمي. كما تبرز هذه الخطوات رغبة في ربط أي قرار بمصالح الشعب وبوقف فوري لإراقة الدماء.

المعطى الزمني الذي حدده نزال — بدء المشاورات في اليوم التالي مباشرة — يؤكد أن الحركة تعاملت مع الوثيقة بجدية واستعجال. وقد بدا واضحًا من خطاب نزال أن القرار لن يُتخذ بعجلة بل بعد نقاشات متأنية. والرسالة الضمنية كانت أن أي قبول أو رفض سيُعلَن بعد استنفاد مراحل التقييم كافة.

مشاورات متواصلة

قال نزال إن المشاورات انطلقت في اليوم الثاني لتسلم الخطة، وشملت تقييمًا سياسيًا واستراتيجيًا للقضايا المطروحة فيها. وأضاف أن هذه المشاورات تراعي أولوية وقف الحرب ووقف المذابح كمعيار أول لأي موقف تُبلغه الحركة إلى الطرف الآخر أو إلى الرأي العام. كما بين أن الحركة تعاملت مع الخطة بعقلية المسؤولية تجاه شعبها، لا كاستجابة فورية لضغوط خارجية.

توسعت المشاورات لتشمل قراءة تبعات كل بند من بنود الخطة على الأرض، خصوصًا ما يتعلق بملفات الأمن، والانسحاب، والآليات الضامنة لوقف إطلاق النار. وعلى هذا الأساس تُوزَّع الملاحظات وتتبلور الخيارات. أكد نزال أن هذه المناقشات لا تجري بمعزل عن الجهات والشركاء الذين تواصلت معهم حماس في الأيام الماضية.

كما أوضح أن مصلحة الشعب تُشكّل المؤشر الأبرز في كل تقييم؛ أي أن أي بند يُقوّض حقًا أو يشرعن استمرار المأساة لن يحظى بقبول سهل أو تلقائي. وأشار إلى أن الحركة لن تتخذ موقفًا يناقض سقف حقوق الشعب الفلسطيني أو يمهّد لاستمرار العنف بحجّة حلول مرحلية.

ملاحظات قيد الإعلان

أشار نزال صراحة إلى أن الخطة «عليها ملاحظات» وأن حماس ستعلن موقفها منها قريبًا جدًا، ملمحًا إلى أن الملاحظات ليست شكلية بل ذات طبيعة جوهرية. وأضاف أن الإفصاح عن موقف موحّد يهدف إلى حماية الحقوق وإيقاف المجازر، وليس لمجرد مقايضة أو تهرب من المسؤولية. وبحسبه، فإن الموقف النهائي سيُبلّغ بصورة رسمية لا تتأخر كثيرًا.

نزال شدّد على أن لحركة المقاومة الحق الكامل — كممثل شرعي للمقاومة — في إبداء ملاحظاتها بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني ويصون كرامته وأمنه. وأوضح أن هذا الحق يأتي من مسؤولية تمثيلية تقتضي الدفاع عن أبعاد القضية كافة، وليس مجرد قبول نصوص متاحة على الطاولة. وأضاف أن الحركة حريصة على أن تكون مراجعاتها بناءة وقابلة للتفاوض طالما أنها تضمن وقف المجازر.

وقال أيضاً إن الإعلان عن الموقف لن يكون مسألة بروتوكولية عابرة، بل نتيجة لعمل تشاوري معمق، مع التأكيد على أن الزمن القصير لا يعني التسرع في إقرار قرار قد يلحق ضررًا. وفي الوقت ذاته طمأن نزال أن الإعلان لن يتأخر كثيرًا، وأن الجمهور سينال توضيحًا واضحًا عن الموقف والمبررات.

خطوط حمراء واضحة

كرر نزال أكثر من مرة أن نهاية الصراع لا يمكن أن تكون على حساب حقوق الشعب أو باستمرار إبادة جماعية بدعوى تسويات إجرائية. واعتبر أن أي حل لا يكفل الحقوق الأساسية — حرية، سيادة، وعودة، وإنهاء الحصار — هو حل مرفوض. وأضاف أن الموقف الفلسطيني الموّحد لا يقبل التفريط بالقضايا الأساسية تحت ضغط الملفات الأمنية أو مبررات إدارة الصراع.

كما شدد على أن المعيار الذي تعمل عليه حماس في تقييم أي خطة هو وقف الحرب والمجازر فورًا، إذ لا تفاوض ولا مناقشة تسبق إنجاز هذا الهدف الإنساني والسياسي. وأوضح أن الحفاظ على الأرواح والتخفيف من معاناة المدنيين يأتيان قبل أي اعتبار آخر، وأن أي بنود تتجاهل هذا الأصل ستُقابل برفض أو بمطالبات تعديل جذرية. وأكد أن حماية المدنيين وكل الكوادر الإغاثية والصحية حظيت وستظل من أولويات الحركة.

نزال حذّر كذلك من محاولات فرض حلول زمنية أو مؤقتة تُكرّس واقعًا سياسيًا على الأرض دون ضمانات حقيقية لحقوق الشعب. وذكّر المستمعين بأن سوء موازنة الأمن على حساب الحقوق يمكن أن يقود إلى حلول هشة لا تصمد. لذلك، عزّم على أن حماس ستقف عند خطوطها الحمراء ولن تسمح بتحويل وقف النار إلى وقف للحقوق.

هدف واحد: وقف المذبحة

أوضح عضو المكتب السياسي أن منطلق حماس في مناقشة الخطة هو إيقاف القتل وإيقاف المجازر، وأنها جادة في التوصل إلى تفاهمات تُنهي الانتقام الجماعي من المدنيين. وقال: «نحن جادون في التوصل إلى تفاهمات من منطلق وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة»، مضيفًا أن أي تفاهم يجب أن يتضمن آليات عملية وحقيقية لضمان سلامة الناس. وأكد أن المسألة ليست مسألة كلمات أو بيانات بل إنقاذ حياة وإنهاء الحصار والجوع.

كما أكد نزال أن الحركة معنية بمصلحة الشعب أولًا وأنها لن تسمح باستمرار المذبحة مهما كانت الضغوط أو المغريات. وبيّن أن قرار الدخول في أي تسوية لا يُقاس برغبة طرف دولي أو بضغط إعلامي، بل بمقاييس إنسانية وسياسية تضع حياة الناس فوق كل اعتبار. وأضاف أن موقف حماس سيتواصل مع فصائل وشركاء داخليين وخارجيين لبلورة صيغة عملية.

واختتم نزال بالتأكيد على أن الإعلان عن الموقف الرسمي لن يتأخر كثيرًا، وأن الحركة ستكشف عنه قريبًا جدًا، لكنه ترك الباب مفتوحًا أمام التفاوض طالما أن الهدف واضح: وقف المذبحة وحماية الشعب وإعادة الأمن والأمل لمن بقي في قطاع غزة.