آخر الأخبار
الوجع الذي لا يُدفن…
الرئيس الفنزويلي مادورو:”لا لحرب مجنونة” !
من هو السفير الأمريكي الذي سيشرف على خطة ترامب بشأن غزة
بطاقة أسير لبناني…من هو؟
رئيس الشاباك زيني في حفل تعيينه:سنتصرف بحزم
صدام أمريكي ـ إسرائيلي بسبب قوانين ضم الضفة: ترامب يهدد بوقف الدعم وتل أبيب في مأزق سياسي داخلي
حماس: توافق وطني واسع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ برعاية مصرية
لجان المقاومة تبحث في القاهرة تثبيت وقف النار وتخفيف معاناة غزة
أمن المقاومة ينشر: استشهاد القادة يزيد المقاومة صلابةً وإصرارًا
مسيرة معادية تستهدف سيارة في تول

مكتب غزة – قلمي بندقيتي

شهد قطاع غزة اليوم الأربعاء، الثاني والعشرين من أكتوبر 2025، مشهدًا وطنيًا مهيبًا وموجعًا في آن واحد، خلال مراسم دفن 54 شهيدًا أعادت قوات الاحتلال الإسرائيلي جثامينهم بعد احتجازها لأشهر، وقد بدت عليها آثار واضحة للتعذيب والإعدام الميداني. أقيمت المراسم في مدينة دير البلح وسط حضور رسمي وشعبي واسع، وبمشاركة الطواقم الطبية والإعلامية وذوي الشهداء الذين حملوا نعوش أبنائهم في موكب عزاء اختلط فيه الصبر بالفجيعة. وأدى فضيلة الشيخ إحسان عاشور، مفتي محافظة خان يونس، صلاة الجنازة قبل أن يُوارى الشهداء الثرى في مقبرة جماعية مرقمة، وُثّقت تفاصيلها لحفظ حقوق الشهداء وكرامتهم.

جاءت هذه الفعالية بدعوة من المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الذي أصدر بيانًا أكد فيه أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جريمة تاريخية وحشية تُضاف إلى سجله الطويل من جرائم الحرب. وأوضح المكتب أن عملية الدفن الجماعي تأتي بعد استكمال الإجراءات الطبية والتوثيقية اللازمة، مشيرًا إلى أن عدد الجثامين المستلمة من الاحتلال حتى الآن بلغ 165 جثمانًا، جميعها تُظهر أدلة قاطعة على التصفية الجسدية والإعدام خارج نطاق القانون. واعتبر البيان أن ما حدث “يمثل نموذجًا جديدًا من الوحشية الإسرائيلية التي تستهدف الإنسان الفلسطيني حيًا وميتًا”.

أدلة على الإعدام الميداني

أظهرت الفحوصات الطبية والمشاهدات الميدانية التي أجرتها الجهات الحكومية والحقوقية أدلة دامغة على أن الاحتلال مارس جرائم إعدام ميداني وتعذيب ممنهج بحق الشهداء. فقد وُجدت آثار شنقٍ وحبالٍ على أعناق عدد كبير من الجثامين، بالإضافة إلى إطلاق نار مباشر من مسافة قريبة جدًا، في دلالة واضحة على نية القتل المتعمد. كما كشفت الفحوصات عن تقييد الأيدي والأقدام بمرابط بلاستيكية، وتعصيب أعين الضحايا قبل قتلهم، مما يثبت أنهم أُعدموا بعد اعتقالهم، في مشهدٍ يعيد للأذهان جرائم الاحتلال ضد الأسرى على مدار العقود الماضية.

وذكر البيان أن بعض الجثامين كانت مسحوقة تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية، فيما أظهرت أخرى آثار تعذيب وحروق وكسور وجروح عميقة، تؤكد استخدام أساليب وحشية تتنافى مع كل القيم الإنسانية. وأشار المكتب الإعلامي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بقتل المدنيين خلال الحرب، بل تمادى في انتهاك حرمة الموتى عبر التنكيل بالجثامين والتصرف بها بوحشية. وأكد أن هذه الممارسات “تشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان”، وفقًا لاتفاقيات جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني، داعيًا إلى توثيقها دوليًا.

انتهاك صارخ للقانون الدولي

أكد المكتب الإعلامي الحكومي أن احتجاز الاحتلال لمئات الجثامين الفلسطينية وإعادته لـ165 منها فقط يُعد انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقيات جنيف التي تنص على احترام جثامين القتلى في النزاعات المسلحة. وأوضح أن هذه الممارسات “تعبّر عن سياسة إسرائيلية ممنهجة هدفها إذلال الفلسطينيين والتنكيل بعائلاتهم”، مشيرًا إلى أن الاحتلال يتعامل مع الجثامين كأداة للابتزاز السياسي والعقاب الجماعي. وأضاف أن ما كشفته الفحوصات الميدانية “يؤكد أن ما جرى لم يكن حالات فردية أو ممارسات معزولة، بل كان جزءًا من سلوك إجرامي منظم يستهدف إذلال الشعب الفلسطيني”.

وشدد البيان على أن هذه الجرائم ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية ضد غزة، والتي شملت القتل الممنهج والتجويع والتدمير والاعتقال. كما أشار إلى أن جريمة الإعدام الميداني الأخيرة تأتي في ظل صمت دولي مريب يرقى إلى مستوى التواطؤ، إذ لم تتخذ أي جهة دولية حتى الآن خطوات عملية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه. وطالب المكتب المجتمع الدولي بـ”كسر هذا الصمت الجبان والوقوف أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه شعب يُقتل مرتين: في حياته، وفي موته”.

دعوة لتحقيق دولي عاجل

طالب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة محكمة الجنايات الدولية وجميع المنظمات القانونية والحقوقية الدولية بـ تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وعاجلة للتحقيق في هذه الجرائم الموثقة ومحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي. وأكد أن الاحتلال وداعميه – وعلى رأسهم أمريكا وبعض الدول الأوروبية – يتحملون المسؤولية الكاملة عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني. واعتبر أن ما يجري في غزة “لا يمكن وصفه إلا بأنه انهيار تام للضمير الإنساني“، داعيًا إلى “تحويل مشاهد الدفن الجماعي إلى وثيقة إدانة عالمية ضد دولة الاحتلال”.

كما دعا المكتب وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية إلى المشاركة الواسعة في تغطية الفعالية وتوثيق مشاهد الدفن الجماعي للشهداء، باعتبارها شهادة تاريخية على وحشية الاحتلال. وأكد أن فضح هذه الجرائم أمام الرأي العام العالمي يمثل جزءًا من معركة الوعي التي يخوضها الشعب الفلسطيني منذ عقود، موضحًا أن “كل مشهد موثّق هو رصاصة في وجه الرواية الإسرائيلية الزائفة”. وختم البيان بتأكيد أن “دماء الشهداء لن تذهب سدى، وأن غزة ستبقى، رغم جراحها، رمزًا للصمود والكرامة في وجه أعتى احتلال عرفه العصر الحديث“.