في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع أمس في شرم الشيخ، بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية برعاية دولية، شنّ جيش الاحتلال صباح اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 سلسلة من عمليات القصف وإطلاق النار في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من المدنيينالفلسطينيين.
بيان إسرائيلي لتبرير القصف
وقال المتحدث باسم “جيش” الاحتلال الإسرائيلي في بيان صحفي مقتضب:
“أطلقنا النار لإزالة تهديد بعد رصد مشبوهين حاولوا تخطي الخط الأصفر في قطاع غزة”.
وزغم البيان أن “المشبوهين اقتربوا من جنودنا رغم الطلقات التحذيرية”، داعيًا الفلسطينيين في القطاع إلى “الالتزام بالتوجيهات الأمنية”.
غير أن مصادر ميدانية فلسطينية أكدت أن الشهداء كانوا من المدنيين الذين عادوا لتفقد منازلهم المدمرة شرق غزة، في وقتٍ لم تُسجّل فيه أي اشتباكات أو تحركات مسلحة في المنطقة.
شهداء الشجاعية وخان يونس
وأفادت وزارة الصحة في غزة أن خمسة مواطنين استُشهدوا صباح اليوم في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة أثناء تفقدهم منازلهم، كما استُشهد مواطن وأصيب آخر في قصف بطائرة مسيّرة إسرائيلية استهدفت بلدة الفخاري شرق خان يونس جنوب القطاع.
في الوقت ذاته، أطلقت قوات الاحتلال نيراناً كثيفة من آلياتها المتمركزة شمالي مواصي رفح، بالتزامن مع تحليق منخفض لطائرات الاستطلاع، بينما شهد حي الشجاعية قصفاً مروحياً مكثفاً أعاد إلى الأذهان مشاهد الحرب الأخيرة.
اتفاق هش تحت النار
ويأتي هذا التصعيد في وقتٍ دخلت فيه المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيّز التنفيذ يوم الجمعة الماضية عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا بتوقيت القدس، بعد مصادقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق فجر ذلك اليوم.
الاتفاق الذي رعته واشنطن بمشاركة مصر وقطر وتركيا، وجرى التوصل إليه بعد مفاوضات غير مباشرة في شرم الشيخ، يشمل وقفًا شاملًا للحرب، وانسحابًا متدرجًا للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وإطلاقًا متبادلًا للأسرى، والسماح الفوري بدخول المساعدات الإنسانية، وصولًا إلى مرحلة لاحقة تتضمن نزع سلاح حركة حماس.
حرب الإبادة المستمرة منذ عامين
منذ 8 أكتوبر 2023، وبـ دعم أمريكي مباشر، شنت إسرائيل حربًا دموية على غزة وُصفت بأنها إبادة جماعية، أسفرت وفق وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد 67 ألفًا و869 فلسطينيًا وإصابة 170 ألفًا و105 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال. كما أدت المجاعة الناتجة عن الحصار إلى وفاة 463 فلسطينيًا، بينهم 157 طفلًا.
وتؤكد منظمات حقوقية محلية ودولية أن استمرار الخروقات الإسرائيلية رغم الاتفاق الأخير يعكس استهتار تل أبيب بالجهود الدولية، وغياب أي ضغط أمريكي فعلي لضمان التزامها ببنود وقف إطلاق النار.
تساؤلات حول مصير الهدنة
في ضوء هذا التطور، يواجه اتفاق شرم الشيخ أول اختبار حقيقي له، إذ يرى محللون أن خرق الاحتلال للهدنة بعد أيام فقط من دخولها حيز التنفيذ قد يعيد الأوضاع إلى المربع الأول، ويقوض الثقة بأي تسوية قادمة، خصوصًا في ظل الصمت الأمريكي على الجرائم الإسرائيلية المتكررة في غزة.



