آخر الأخبار
«لن نتخلى عن الحقوق».. حماس تُعلن موقفًا قريبًا بعد مراجعة خطة ترامب
سرايا القدس تبث مشاهد لقنص جندي صهيوني بمخيم الشاطئ
الجبهة الديمقراطية: دعوات كاتس لتهجير سكان غزة تكذيب صارخ لموافقة نتنياهو على خطة ترامب
«أشد»: أسطول الصمود يواجه الوحشية… وإرادة الحرية أبدية
كتائب القسام تبث مشاهد من الإغارة على تجمع لجنود العدو في تل الهوى
حراس البحر الأحمر يستهدفون”مينيرفاجراخت” في خليج عدن
حماس :عملية الدهس البطولية رسالة شعبنا المقاوم
ننشر آخر صورة للشهيد حسن نصر الله قبل استشهاده
إيران تتوعد بعد فشل المسعى الروسي الصيني في منع عودة العقوبات
أول تعليق من حماس على اعتقالات الاحتلال في نابلس

بقلم:رانيا كامل يونس

منذ اندلاع الحرب على غزة قبل عامين، تحوّلت المبادرات المدنية الدولية إلى أحد أهم الأصوات الكاشفة لحقيقة الحصار المفروض على القطاع. لم تكن تلك المبادرات مجرد شحنات غذاء ودواء، بل رسائل أخلاقية وسياسية قوية، تقول للعالم: غزة ليست وحدها.
ومن أبرز هذه المبادرات كانت أساطيل كسر الحصار التي انطلقت تباعًا من موانئ أوروبية ومتوسطية، تحمل ناشطين ومتطوعين وأطباء وبرلمانيين سابقين وشخصيات حقوقية، متحدّين آلة حصار الكيان الإسرائيلي التي تضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

محطات سابقة لأساطيل كسر الحصار

حزيران 2025 – أسطول “مادلين”: أبحرت سفينة “مادلين” من إيطاليا محمّلة أدوية ومستلزمات طبية وحليب أطفال. ضمّت متطوعين من مختلف الجنسيات، بينهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ، قبل أن يتم اعتراضها في البحر.

تموز 2025 – سفينة “Handala”: انطلقت من عدة دول أوروبية نحو غزة، قبل أن تعترضها بحرية الاحتلال الإسرائيلي في المياه الدولية على بعد 40 ميلًا من الساحل، وتعتقل بعض ركابها.

كل هذه المحاولات كانت إنسانية الطابع، لم يثبت الكيان الصهيوني يومًا أن أيًا منها كان يحمل سلاحًا أو مواداً عسكرية، ومع ذلك تم اعتراضها بعنف تحت مبررات “الأمن” و”منع دعم حماس”.

أكبر أسطول إنساني يتعرض للهجوم

سجّل التاريخ مواجهة جديدة بين الإنسانية والغطرسة العسكرية، حين أقدم الكيان الصهيوني على اعتراض “أسطول الصمود ” – أكبر أسطول منذ بداية الحرب.

حجم الأسطول: حوالي 50 سفينة تقل أكثر من 500 ناشط ومتطوع من أكثر من 40 جنسية.

الهدف: إيصال مساعدات غذائية وطبية عاجلة إلى غزة وكسر الحصار البحري المفروض.

الاعتراض: تم في المياه الدولية على بعد 70 ميلًا من غزة.

الوسائل التي استخدها الإرهاب الإسرائيلي: سفن حربية، مدافع مياه، الاصطدام المباشر (ramming)، محاولات تعطيل الملاحة، واعتقال بعض النشطاء.

بهذا السلوك، لم يكتف الاحتلال بمنع وصول المساعدات، بل تعمّد إرسال رسالة رادعة للعالم: لا أحد يجرؤ على تحدي الحصار، حتى لو كان يحمل خبزًا ودواءً.

التحليل القانوني: انتهاك للقانون الدولي

  1. خرق حرية الملاحة في عمق البحار

المادة 87 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) تكفل حرية الملاحة في عمق البحار. اعتراض الأسطول في مياه دولية هو عدوان مباشر على هذه الحرية، ويُصنَّف كعمل غير مشروع بموجب القانون الدولي.

  1. القرصنة البحرية المقنّعة

وفق المادة 101 من UNCLOS، أي عمل عنف ضد سفينة مدنية في عمق البحار يعدّ قرصنة إذا كان خارج الأطر القانونية. ما قام به الاحتلال يشبه القرصنة، وإن حاول تبريره بدعوى “الأمن القومي”.

  1. خرق القانون الإنساني الدولي

المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم الأطراف بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في النزاعات المسلحة. منع دخول الأدوية والغذاء هو جريمة حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

  1. عدم مشروعية الحصار المطلق

حتى لو سلّمنا بشرعية بعض جوانب الحصار- وهو الأمر الذي لا يمكن التسليم به مع هذا الكيان المتغطرس- فإن القانون الدولي البحري يشترط أن يكون الحصار: معلَنًا، متناسبًا، ولا يستهدف المدنيين. حصار غزة، بما فيه المنع الممنهج للغذاء والدواء، يخرق هذه المعايير ويُعتبر حصارًا غير مشروع.

ما جرى لا يمكن اعتباره إجراءً أمنيًا؛ بل هو فعل سياسي بامتياز، يعكس:

  1. الخوف من التضامن العالمي: يدرك الكيان الصهيوني أن صور المئات من المتطوعين وهم يُساقون بالقوة، أخطر من شحنة دواء.
  2. الغطرسة العسكرية: استخدام القوة المفرطة ضد مدنيين عزّل يعكس عقلية الاحتلال التي ترى في كل بادرة إنسانية تهديدًا.
  3. إدانة أخلاقية: لم يعترض الصهاينة أسطولًا واحدًا، بل اعترض الحق في التضامن، والحق في الحرية، والحق في الحياة.

ماذا بعد؟

هنا السؤال الذي يجب أن نطرحه، لا ببرود الخبراء بل بغضب الضمير: إلى متى سيبقى العالم يتفرج على قرصنة القرن الحادية والعشرين؟

ثمة خطوات عملية لا بد منها:

  1. تحقيق دولي عاجل شرط أن يكون شفافاً، يوثّق الجريمة ويحيلها إلى المحاكم الدولية.
  2. ضغط دبلوماسي من الدول الراعية للأسطول، فالمتطوعون ليسوا فلسطينيين فقط بل مواطنون من أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وبلدان عربية مختلفة.
  3. استخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين المتورطين.
  4. عقوبات بحرية محدّدة، تمنع سفن الاحتلال من الرسو في موانئ العالم كما تُمنع سفن القراصنة.
  5. تصعيد المقاطعة الشعبية، لأن صورة جندي مدجّج يهاجم طبيبًا يحمل حقيبة دواء تختصر كل حقيقة هذا الاحتلال.
    خاتمة
    اعتراض أسطول الصمود ليس مجرّد حادثة بحرية، بل محطة فاصلة تثبت أن الحصار ليس مجرد سياسة، بل جريمة متواصلة تُنفّذ بالقوة، وتُبرَّر بخطاب أمني زائف.
    إنها ليست مواجهة بين سفن حربية وسفن مدنية فقط، بل مواجهة بين منطق الاحتلال ومنطق الإنسانية. وما لم يُحاسب هذا الكيان على انتهاكاته البحرية والإنسانية، فإن البحر نفسه سيظل شاهدًا على قرصنة وإرهاب قراصنة القرن الواحد والعشرين.

مصنف في :