المحرر السياسي – قلمي بندقيتي
تترقب شركتا الطيران الصهيونيتان “إلعال” و”أركيا” قرارًا حاسمًا من سلطنة عمان بشأن السماح لطائراتهما بالتحليق فوق أجوائها، في خطوة قد تعيد فتح الخط الجوي المباشر بين تل أبيب وكلٍّ من مومباي ونيودلهي بعد توقفٍ دام أكثر من عامين.
فمنذ أن أوقفت شركة “إير إنديا” رحلاتها إلى كيان الاحتلال ولم تُعلن عن موعدٍ لعودتها قبل مطلع عام 2026، تسعى الشركات الصهيونية إلى سدّ هذا الفراغ التجاري والسياحي، غير أنّ الجدوى الاقتصادية للمسار الجديد تعتمد كليًا على موافقة مسقط على مرور الطائرات الإسرائيلية في مجالها الجوي.
طريق أقصر ومكاسب اقتصادية
تشير تقديرات الطيران إلى أن فتح الأجواء العُمانية سيُقلّص مدة الرحلة من تسع ساعات إلى سبع فقط، ما سيجعل الخط أكثر ربحية ويعزز الإقبال عليه. أما في ظل استمرار الحظر الجوي، فإنّ الرحلات المباشرة إلى الهند تُصبح مكلفة وطويلة، ما يدفع المسافرين الصهاينة إلى الاعتماد على رحلاتٍ أرخص عبر الإمارات.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة “أركيا” صباح اليوم عن مباحثات رسمية لإعادة تشغيل الخط المباشر بين كيان الاحتلال والهند. وجاء ذلك خلال اجتماعٍ بين مديرها التنفيذي أوز برلوفيتز والسفير الهندي في تل أبيب جاي بي سينغ والملحق التجاري غاريكا تيجيسوار، حيث تمّ بحث الإمكانات التقنية لتسيير رحلاتٍ إلى مومباي، دلهي، غوا، وبنغالور.
تحديات تشغيلية ومسارات جديدة
تؤكد التقارير أن الطريق الأقصر عبر سلطنة عمان سيسمح باستخدام الطائرات متوسطة المدى مثل “إيرباص A321neo LR” التي تمتلكها “أركيا”، وهي طائرات غير قادرة على تحمل المسار الطويل الحالي. لذلك، فإنّ تشغيل الخط من دون موافقة عمان سيظلّ خاسرًا من الناحية التشغيلية.
وكانت مسقط قد سمحت في فبراير 2023 للطائرات الصهيونية بالعبور في أجوائها، ما أدى إلى تقليص زمن الرحلات إلى آسيا وخفض تكاليف الوقود، لكنّها سحبت الإذن في أكتوبر من العام نفسه عقب اندلاع الحرب على غزة.
عودة مرتقبة بعد سنوات الركود
منذ تفشي جائحة كورونا توقفت شركات الطيران الصهيونية عن تسيير رحلاتٍ إلى آسيا، حيث أوقفت “إلعال” خطوطها إلى بكين ومومباي وهونغ كونغ، فيما علّقت “أركيا” رحلاتها إلى كوتشن وغوا. وكانت الشركة قد افتتحت خطًا إلى كولومبو في فبراير 2023، لكنها أغلقته بعد ثلاثة أشهر فقط بسبب الخسائر المالية.
وتشير التقديرات إلى أنّ السماح بالتحليق فوق عمان لن ينعش فقط الرحلات نحو الهند، بل سيؤدي أيضًا إلى تقليص زمن السفر إلى تايلاند ساعتين، وإلى فيتنام ساعة كاملة، ما يعني تحسين كفاءة الأسطول الصهيوني وإتاحة فرصٍ أكبر لتوسيع نطاق الرحلات التجارية والسياحية نحو الشرق.
انعكاسات على خريطة الطيران الآسيوية
يتوقع محللون أن يغيّر القرار العُماني المنتظر خريطة الطيران في المنطقة، إذ سيتيح للشركات الصهيونية إعادة توزيع طائراتها على خطوطٍ أكثر نشاطًا، وزيادة وتيرة الرحلات إلى الوجهات الآسيوية المربحة. كما أن اختصار زمن الرحلات سيوفّر في الوقود ويقلل من تكاليف التشغيل، وهو ما تعتبره الشركات خطوةً استراتيجية لتعزيز حضورها في الأسواق الآسيوية بعد سنواتٍ من العزلة الجوية.
وفي انتظار القرار النهائي من مسقط، يبقى كيان الاحتلال والهند على أعتاب مرحلةٍ جديدةٍ من التعاون الجوي، رهنًا بإرادة بلدٍ عربيٍّ واحد يمكنه بقراره أن يفتح السماء أو يغلقها.



