آخر الأخبار
النشرة المسائية لوسائل الإعلام العبري لنهار  الأحد الموافق  26 اكتوبر 2025          
الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم: انا استشهادي!وسنقاتل الإسرائيلي بحال فرضت المعركة
جيش العدو يعلن عن إصابة عدد من جنوده حادث..أم اشتباك أمني؟
شهداء ال 48 ساعة
اطلالة مساء اليوم للشيخ نعيم قاسم أمين عام حزب الله..”عام من القيادة
الاستهداف الصهيوني الرابع خلال 48 ساعة!الآن الناقورة
الديمقراطية» تدين الإختراق الإسرائيلي لاتفاق وقف الحرب
عدوان صهيوني جديد مسيرة تستهدف دراجة ناريةبلدة القليلة
رئيس حركة حماس خليل الحية:لا ذريعة للعدو ليستأنف حربه
النشرة المسائية لوسائل الإعلام العبري لنهار السبت الموافق 25  اكتوبر 2025          

المحرر السياسي – قلمي بندقيتي

فاجأ الموقف الأمريكي الحازم ضد مشروعَي قانونَي ضم الضفة الغربية الساحة السياسية والإعلامية في تل أبيب، بعد أن عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس ووزير الخارجية مايك روبيو عن رفضهم القاطع لهذا التوجه الإسرائيلي. وجاءت هذه المواقف في تصريحات متفرقة، أكدت أن أي محاولة لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة تمثل تحديًا مباشرًا لاتفاقات السلام، وتهديدًا لمسار التسوية الذي ترعاه واشنطن.

في المقابل، حاول وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الدفاع عن حكومته أمام العاصفة الأمريكية، مؤكدًا أن مشروع القانون لا يزال في طور التمهيد، وأن الحكومة لا تسعى في الوقت الراهن إلى المضي في سنّه. غير أن ردود الفعل الأمريكية جاءت ضمن موجة استنكار دولية واسعة بعد مصادقة الكنيست بالقراءة التمهيدية على القانونين، وهو ما اعتُبر فعليًا بدء مسار قانوني نحو ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.

مناورة سياسية فاشلة

حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو احتواء الغضب الأمريكي، مقنعًا نائب الرئيس جي دي فانس بأن ما جرى في الكنيست مجرد “مناورة سياسية” من اليمين والمعارضة، وليس توجهًا حكوميًا حقيقيًا. وأوضح أن أحد مشروعي القانونين قدمه وزير غاضب من تجميد ميزانية وزارته، فيما كان الثاني مبادرة من المعارضة لا أكثر.

لكن التحقيقات الأمريكية السريعة كشفت أن الحكومة الإسرائيلية ليست بريئة تمامًا من هذا المسار، وأنها كانت قادرة على عرقلة القانونين لو رغبت فعلًا. وازدادت الشكوك بعد أن أعلن وزير التعليم يوآف كيش من على منبر الكنيست أن “موقف الحكومة المبدئي هو مع الضم”، مؤكدًا أن حكومة نتنياهو “تلتزم بالضم يوميًا عبر العمل الميداني وليس الشعارات”. هذا التصريح فُسّر في واشنطن باعتباره اعترافًا صريحًا بوجود سياسة ميدانية تمهد للضم التدريجي.

غضب في واشنطن

نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس لم يُخفِ انزعاجه، وقال قبيل مغادرته تل أبيب: “إذا كانت هذه مناورة سياسية كما قالوا، فهي مناورة غبية، وأنا أشعر بالإهانة. لن نسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، ولم نكن راضين عن هذا التصويت”. أما الرئيس ترامب، فقد أوضح في مقابلة مع مجلة تايم أن واشنطن “لن تسمح لإسرائيل بضم الضفة”، مذكّرًا بأن تل أبيب “قطعت وعدًا صريحًا للدول العربية بعدم اتخاذ هذه الخطوة، وأي خرق لذلك سيكلفها دعم الولايات المتحدة”.

وزير الخارجية الأمريكي مايك روبيو انضم إلى الموقف ذاته قبل توجهه إلى إسرائيل، محذرًا من أن تصويت الكنيست “يهدد اتفاق إنهاء الحرب في غزة”. وأكد أن الإدارة الأمريكية “أوضحت مسبقًا أن مثل هذه التحركات الأحادية مرفوضة تمامًا”، مضيفًا أن الأولوية الآن هي “تثبيت وقف إطلاق النار في غزة” وأنه سيعلن خلال زيارته عن تعيين مبعوث دائم لمتابعة تنفيذ اتفاق غزة من مقر البعثة الأمريكية.

انقسام داخل إسرائيل

الموقف الأمريكي الحازم أحدث صخبًا كبيرًا في الأوساط الإسرائيلية، خاصة في ظل الزخم الدبلوماسي الهائل الذي تشهده تل أبيب منذ أسابيع، بدءًا من زيارة ترمب ثم فانس وروبيو وعدد من كبار الجنرالات الأمريكيين. وبينما يرى اليمين المتطرف والمعارضة في إسرائيل هذه المواقف نوعًا من “الوصاية السياسية” التي تمس السيادة الإسرائيلية، يتعامل الوسط الإسرائيلي معها كتحذير جاد من الحليف الأهم في العالم.

ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية تعكس مأزقًا مزدوجًا لحكومة نتنياهو: فهي تخسر الغطاء الأمريكي الذي وفّرته إدارة ترامب في قضايا الحرب على غزة، كما تواجه ضغوطًا داخلية من التيار الاستيطاني الذي يدفع نحو الضم الكامل للضفة الغربية. وتؤكد استطلاعات الرأي أن غالبية الإسرائيليين ما زالوا يعتبرون أمريكا الحليف الأوثق، ويثقون بأن ما يطرحه ترمب يخدم مصلحة إسرائيل طويلة المدى.

رؤية ترامب للسلام

يعتبر الرئيس الأمريكي أن مشروع ضم الضفة يقوّض خطته الأوسع لإنهاء الحرب في غزة، والتي تتضمن في بندها التاسع عشر مسارًا لتحقيق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولة مستقلة. وتشير التقديرات إلى أن نحو 72% من الإسرائيليين يؤيدون هذه الخطة التي يرونها طريقًا للخروج من دوامة الحرب المستمرة منذ عامين، ولبدء مسار سلام شامل مع الدول العربية والإسلامية.

وتؤكد واشنطن أن المبادرة الحالية تمثل فرصة تاريخية لإسرائيل وللفلسطينيين على حد سواء، وأن إفشالها سيعيد المنطقة إلى مربع الفوضى والعنف. ويعتقد الأمريكيون أن من يعارض هذا المسار — سواء في اليمين الإسرائيلي أو في بعض الفصائل الفلسطينية — يمثل أقلية متطرفة، في حين أن “الأكثرية في الجانبين ترغب في السلام وتؤمن بضرورة إنجازه”.

بهذا، يتجاوز الخلاف الأمريكي ـ الإسرائيلي حدود الجدل السياسي العابر، ليصبح اختبارًا حقيقيًا لمستقبل العلاقة بين الحليفين، ولإمكانية أن تلتزم حكومة نتنياهو بخريطة الطريق التي رسمها ترمب لإنهاء الحرب في غزة وفتح أفق جديد للسلام في الشرق الأوسط.