آخر الأخبار
“مقهور”،،، جيشه ينسحب وحماس تعود
الرئيس أردوغان: سنراقب تنفيذ بنود الاتفاق
القيادي علي بركة:المقاومة دافعت عن الأمة جمعاء
طوفان الأقصى: لحظة التحوّل وميلاد الشرق الجديد
النشرة المسائية لوسائل الإعلام العبري لنهار الخميس الموافق 9  اكتوبر 2025  
وثيقة توقيع الوسطاء لإنهاء الحرب باللغة العبرية
بطل المفاوضات الرئيس الحية يعلن عن اتفاق انهاء الحرب
انجازات الأمن العام …عهد اللواء شقير “لواء الوطنية
لقاء اللواء شقير بالسفير الدنماركي
الأمن العام يُجنب البلاد من كارثة:بين مرقد السيد الشهيد والمدينة الرياضية..ومؤتمر صحفي قريبا”

في الذكرى الثانية لبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبمناسبة مرور عامين على إبادة غزة، أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) تقريرًا حقوقيًا موسّعًا بعنوان: “خطابات التحريض الإسرائيلي ودورها في تكريس الإبادة الجماعية في قطاع غزة”، أعدّته المحامية والباحثة ياسمين قاسم، يوثّق انتقال الخطاب التحريضي من التصريحات العلنية لمسؤولين سياسيين وعسكريين ودينيين وإعلاميين في إسرائيل إلى ممارسات ميدانية واسعة النطاق ترقى—وفق القانون الدولي—إلى جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

يخلص التقرير إلى أن التحريض المباشر والعلني على القتل والتجويع والتهجير، الذي تكرّر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يعد “لغة سياسية متشددة”، بل أصبح جزءًا من بنية القرار السياسي والعسكري. ويربط التقرير بين هذا الخطاب وبين سلسلة أفعال مادية شملت القتل الجماعي، فرض شروط معيشية مهلكة، الإخفاء القسري، استهداف البنية التحتية والحياة المدنية، وصولًا إلى هندسة التجويع والتعطيش ومشاريع التهجير القسري والإحلال الاستيطاني.

يتتبّع التقرير عشرات التصريحات الصادرة عن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وأعضاء في الكنيست، وقادة عسكريين ودينيين، منذ الأيام الأولى للحرب، حيث امتلأت بالتحريض الصريح على “محو غزة”، و”إبادتها من الوجود”، و”قطع الإمدادات عنها حتى الموت”. هذه العبارات – كما يوضح التقرير – لم تبقَ في مستوى الخطاب، بل تُرجمت إلى سياسات عملية شملت استهدافاً عشوائيًا للمناطق السكنية، وقطع الماء والكهرباء والوقود، وتدمير المستشفيات والمدارس، ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

وترى «حشد» أنّ هذا النمط من التحريض يُعدّ وفق القانون الدولي جريمة قائمة بذاتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، وأنه يمثّل أساسًا قانونيًا لتحميل المسؤولين الإسرائيليين مسؤولية شخصية وجنائية عن الجرائم المرتكبة.

وقائع إبادة غزة الممنهجة

يُوثق التقرير سلسلة طويلة من الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال على مدار عامين، من أبرزها:

  • القتل الجماعي المتعمد لآلاف المدنيين عبر قصف الأحياء السكنية المكتظة دون تمييز، وارتكاب مجازر متكررة بحق عائلات كاملة، كثير منها أُبيد بالكامل.
  • فرض ظروف معيشية قاتلة تمثلت في قطع المياه والكهرباء والوقود، وتدمير شبكات الصرف الصحي والطرقات، وإغلاق المعابر، ومنع الغذاء والدواء عن السكان.
  • استهداف القطاع الصحي وتدمير المستشفيات والمراكز الطبية، وقتل الأطباء والمسعفين، ما أدى إلى انهيار شبه تام للمنظومة الصحية في القطاع.
  • استهداف متعمّد للمؤسسات التعليمية ودور العبادة والمساجد والكنائس والمراكز الإعلامية، في محاولة لمحو البنية الثقافية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني.
  • تهجير قسري واسع النطاق طال مئات الآلاف من العائلات، مع استهداف متكرر لمناطق النزوح ومراكز الإيواء، بما في ذلك المدارس التابعة للأونروا.
  • استخدام التجويع كسلاح حرب من خلال إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات واستهداف قوافل الإغاثة الإنسانية.
  • الاعتقالات الجماعية والإخفاء القسري لمئات المدنيين في ظروف احتجاز قاسية، وارتكاب انتهاكات ممنهجة ترقى إلى التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.

ويشير التقرير إلى أن هذه الأفعال تمثل، مجتمعةً، تنفيذًا ماديًا لجريمة الإبادة الجماعية التي تهدف إلى تدمير الجماعة الفلسطينية كليًا أو جزئيًا، سواء عبر القتل المباشر أو تدمير مقومات الحياة.

خصصت حشد فصلًا كاملًا لما وصفته بـ«الإبادة الإعلامية»، إذ رصدت انتشارًا واسعًا لخطابات الكراهية والتحريض على المنصات الرقمية العبرية، وتحويلها إلى أداة تعبئة للرأي العام الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، عبر تصويرهم كأعداء وجوديين و”تهديدات حيوانية” يجب التخلص منها. كما سجّلت الهيئة تقصيرًا دوليًا في ملاحقة هذا النوع من الخطابات، رغم أنه أسهم فعليًا في تهيئة المناخ الاجتماعي والنفسي لتنفيذ الجرائم.

من الناحية القانونية، أكّد التقرير أنّ الفلسطينيين يُعتبرون جماعة محمية بموجب اتفاقية 1948، وأنّ ما وقع في غزة يندرج بوضوح تحت تعريف الإبادة الجماعية الوارد في المادة الثانية من الاتفاقية، والتي تشمل القتل العمد لأفراد الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو نفسي جسيم بهم، وفرض ظروف معيشية تؤدي إلى تدميرهم، ومنع الولادات أو نقل الأطفال قسرًا.

ويشير التقرير إلى أنّ محكمة العدل الدولية أكدت في قرارها الصادر في 26 يناير/كانون الثاني 2024 وجود أساس معقول لاعتبار ما تقوم به إسرائيل “إبادة جماعية قيد التنفيذ”، وهو ما يعزز مسؤولية المجتمع الدولي في منع استمرار الجريمة ومحاسبة مرتكبيها.

بحسب التوثيقات التي أوردها التقرير:

  • تجاوز عدد الشهداء ثمانين ألفًا، بينهم عشرات الآلاف من النساء والأطفال.
  • أصيب ما يزيد عن مائة وخمسين ألفًا بجروح، كثير منها بإعاقات دائمة.
  • دُمّرت أكثر من خمسةٍ وثمانين بالمئة من المساكن في القطاع بشكل كلي أو جزئي.
  • خرجت نحو 80% من المدارس والمستشفيات عن الخدمة.
  • بلغ عدد النازحين داخليًا قرابة مليوني إنسان يعيش معظمهم في ظروف مأساوية دون ماء أو كهرباء أو غذاء كافٍ.
  • سُجّل انتشار واسع للأوبئة والأمراض المعدية نتيجة انهيار المنظومة الصحية والبيئية.

يدعو التقرير الدول الأطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما يطالب الأمم المتحدة بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة، وبتأمين ممرات إنسانية آمنة ومستدامة، وإعادة تمويل وكالة الأونروا التي تعرّضت لحملات تحريض واستهداف ممنهج.

ويؤكد التقرير أن استمرار الصمت الدولي إزاء الجرائم يشكل مشاركة ضمنية في الجريمة، ويقوّض النظام القانوني الدولي برمّته، داعيًا إلى اتخاذ موقف سياسي وقانوني واضح يرفض منطق الإفلات من العقاب ويعيد الاعتبار لمبادئ العدالة والكرامة الإنسانية.

يخلص التقرير  إلى أن ما جرى – وما يزال يجري – في قطاع غزة هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، ناتجة عن تحريض ممنهج تقوده الدولة الإسرائيلية وأجهزتها الرسمية، 
ويؤكد أن هذه الجرائم لن تُمحى من الذاكرة، وأن المحاسبة القانونية ليست خيارًا سياسيًا، بل واجب دولي وإنساني لحماية ما تبقّى من الضمير العالمي.

 توصي حشد بضرورة: 

  1. وقف فوري شامل للأعمال العدائية، وحماية خاصة للمستشفيات والطواقم الطبية ومراكز الإيواء وقوافل المساعدات.
  2. فتح المعابر دون قيد، وضمان تدفق الوقود والدواء والغذاء والمياه، وتأمين قنوات توزيع آمنة وغير مسيّسة.
  3. تحقيق دولي مستقل في جريمة التحريض العلني على الإبادة وأفعالها المادية، وإحالة الملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية.
  4. تعليق نقل الأسلحة والذخائر التي تُستخدم على نحوٍ عشوائي أو محظور، ومراجعة نظم الترخيص والتزويد.
  5. حماية الأونروا وسائر الوكالات الأممية من التشريعات/الإجراءات التعسفية، واستعادة التمويل وضمان الوصول غير المقيّد.
  6. برنامج تعافٍ مبكر للصحة العامة والمياه والصرف والسكن والتعليم، وإسناد الفئات الأشد هشاشة (الأطفال/النساء/ذوو الإعاقة).
  7. تمكين عودة النازحين قسرًا إلى مساكنهم وممتلكاتهم، ورفض أي مشاريع إحلال/«هجرة طوعية» قسرية.
  8. مساءلة التحريض الرقمي: إلزام المنصات بإجراءات شفّافة ومتساوية لردع خطاب الإبادة والكراهية، ومحاسبة أوجه التقصير البنيوي.